سِفْــــــــر العاشقـين

 

مزجٌ أول


أنــــــــــا....وأبدأ بها....
فلا مبرر بأن ابدأ بها ....او به ...
بل إن "أنــــــــا" هي الانسب والاقرب لحكي القصة ...
لا كما كتبت ...ولا كما ستري او تسمع ...
بل كما بدأتها أنا .....ب  "أنــــــــا" ...

*****

أنا ....كما أنا ....
بل أنا كل ما أنا عليه ....
فلا مبرر او داع في عالمي للاسماء - التي سميتموها - ولا حتي للتعريف ...
ورغم اننا نعلم اسمائنا ...الا ان كينوناتنا المنقسمة الي الاف ال "أنــــــــا" .....هي الاكثر استخداما ...وشيوعا ...

*****
وفي البدء ...كنت "أنــــــــا" ...
وكان هناك ما غيري ...
وكانت هناك هـــــي ...
و "هـــــي" هذه لا تعني انها ليست "أنــــــــا" أخري ....
غير أن لغتنا التي نتكلم في عالمنا هذا ...ليس فيها تعقيد أسماء الاشارة أو الضمائر .....والفوارق بينهما والشتان ....
فنحن جميعاً - في ذلك العالم - نفكر ونتكلم بلغة ليست كاللغات ...
بل إن شئت لها تصنيفاً ...فهي اصل اللغات ....
هي لغة الافكار ...
هي لسان الضمائر ...
هي لغة الأصل الأول ....
وكما هي لغتنا ...." لغة الاصل الأول " ...فعالمنا بدوره هو العالم الأول ...
ونحن فيه .... الطفل الأول ....

*****
عالمنا موجود ....لكنه غير طبيعة الوجود ...
لغتنا حية .....لكنها ليست بالضرورة صوتية ....
لنا اسماء ....ولكننا لا نحتاجها دوما ....
كياناتنا بشرية ....لكنها غير كيان البشر ....
غير انها في طور طفولي ... مليء بكل ماهو في البشر جميل وحسن ....
عالمنا هو أقرب للجنة ....إن لم يكن هو الجنة الأولي ...
نسكنه بارواحنا الأولي بلا اجساد غريزية
غير  أن الحب ....هو غريزتنا الأولي  ....

مزجٌ ثان ..

أنـــــــــا .... واثني بها ....
فأنا هنا منذ زمن  بعيد ....لا أعلم مبتداه ....
وكأنه زمان بدء الوجود ...بل هو الزمان الأول ....
في العالم والجنة الأولي ...
*****
أنـــــــا ....واثني بها ...
ف " أنـــــــا " لي " هــــــي " ....
وهي قطعة من روحي ....
يقولون انها ستصير انثي ....وأنا ساصير رجلا ...
فقط حين نذهب للدنيا ...لنحقق اجمل امانينا في هذا العالم ....
حين نولد ....ونتذوق حلاوة الحياة ...
أن يصير لنا ارادة ....وإختيار ...
فأنا وهي نعلم - كما يعلمون هم ايضا - أننا متحابون لأننا خلقنا كذلك ....
لكن أترانا كنا سنتحاب ...إن لم نعرف هذا ...؟!! ..
عموما أنا احبها ....كما تحبني هي يقينا ....

*****
أنـــــــا ....واثني بها ...
ف " أنـــــــا " لي " هــــــي " ....
وهي قطعة من روحي ....
نمضي اوقاتنا غالبا في اللعب ....
والقفز من هذا المرج ....لذاك ....
نشاهد الطيور النورانية ...
نراقب رقرقات الماء بين الجداول والانهار المونة ...
نتشمم عبير الازهار ....ذات الاصوات المنرنمة ....
ف " هـــــي " تحب الازهار ....
وكثيرا ما تترك يدي - التي تتشابك بيدها - وتذهب لتراقص هذه الزهرة او تلك ....
لاتزال تتلهف لرؤية اجمل الازهار ....لتشاركني بهجتها بهم ....
بينما انتقي أنا اجمل الثمار ....وأطعمها مما أطعم ...
لكن كان اكثر ما يجمعنا - نحن والاخرون -  حينما يصدح الينبوع مغرداً ....وقد راقص  الأفق ....
في جوار النهر الاكبر ....

مزجٌ ثالث ..

أنـــــــا ....و هــــــي ....والسعادة ثالوث ...
 نقطف من ثمار السعادة ما نشتهي ...
بل ونتسابق في اظهار حبنا لبعضنا البعض ....
تماماُ كما نتسابق في اكتشاف مروجا جديدة في تلك الجنة ....
كنا نرشف كئوس السعادة ...رشفة برشفة ....
لا يتخللها سوي القُبل ...
قُبلةٌ ....تعطينيها ....
حين تسعد لرؤية النور يداعبنا.....
و قُبلةٌ ....اعطيها .....
إذ ما راقصت أزهار الترانيم ....

*****

أنـــــــا ....و هــــــي ....والسعادة ثالوث ...


قُبلةٌ تعطينيها ....

وقُبلةٌ اعطيها .....

كانت جميلة ...رقيقة ....غضة ...بريئة ....
وكانت تشكو لو شغلت عنها بالينبوع او بالطيور ....
وتذهب حزينة تهمس للازهار .....
لكني كنت اتيها بالثمار ....واقبل بؤبؤ عينيها ....
فتنير الجنة بابتسامة ...

*****

أنـــــــا ....و هــــــي ....والسعادة ثالوث ...

غير انها -ذات مرة - ذهبت عني مغاضبة ....
الفيتها تبتسم وتلاعب غيري ....
حاولت ان تثير غيرتي - كما اخبرتني فيما بعد -
فما اثارت في غير المي ووحدتي ....وغربة ....
فإذ بصوت القانون ....ينهاها عن ذلك ...
ويمحو غضبتها ....
مذكرا اياها ....بأنها مني ....
وقد حُرِمَت عليها السكينة ...إلا معي ....
وقد انهي حديثه بأن  الألم محرمٌ في تلك الجنة ....
وخصوصاً ....الم فراق الاحبة ...
عادت ايدينا لتتشابك ثانية ....
ويعم الرضا ربوع قلبينا ....
والحمد علي ما رُزقنا من محبة ....

مزجٌ رابع ..

أنــــا وهـــــي والسعادة ثلاث ....

والإنتظار رابعنــــا ...
كنا نتشوق لليوم الذي نولد فيه ...
يقولون سيصير لكل منا ...أباً ...وأما ...
بل وربما اخوة ....
هكذا حدثنا النور .....
وكما قال ...إن أروع ما في الحياة ....هو هذان الأب والأم ...
فقد اخبرنا انه سيُلقي في قلوبهم محبتنا ....
فنصير اغلي عليهم ممن سوانا ....
هكذا حدثنا النور ...
بالزمان القليل السابق ...وُلِدَ أحدنا ....
كان الجميع فرحون من اجله ....ويغبطونه ....
أما من كانت له " هـــــي " ...فكانت تبكي اشتياقا له ....
يقولون ...أننا لو أحسنا الحياة ....سنعود إلي هنا ثانيةً ...
هكذا حدثنا النور ....
لكننا لم نري بعد من ذهبوا ....وعادوا ....
فكلنا هنا منذ الزمن الأول ....
مهما تناقصت أعدادنا ....ما أنقص ذلك منا من شيء ....


مزجٌ خامس ..

أنا كنت خامسهم ....
تجمعنا ذات مرة ...
" أنــــــــا" و " هـــــي " ....و " هــــو " و "هـــــي " الاخرين ....
كما جاء " هــــو " الأخر ....
هذا الاخير ...الذي كان يبدوا غريبا ...وحيدا ....بلا " هــــي " له .....
فسألناه عن خبره ....
اخبرنا أنه  " هــــــو " هكذا ....وهكذا هــــــو .....
بلا " هــــي " .....
يبدو أنه ليس له " هــــــي " .....
حتي وجوده في الأرض  - حين يولد - لن يطول .....
حتي يصير له " هــــي " .....كما اخبره النور ....
غير أنه بشر ب " هــــــي " ...
بأن تكون له هي له وحده ....إذا عاد إلي هنا ....
وهو الي العودة ....بعد الذهاب ....في اشتياق...

مزجٌ سادس ..

ستة مرات ....نسمع صوت النداء ....
ستة منا قد ذهبوا الي الحياة .....في هذا الحين ...
وستة منا ....نراهم وقد استعدوا للذهاب ....
تغمرهم الفرحة والحبور ....
للوهلة الاولي ....
التي تبدلت لحزن وبكاء ....لفراق كل حبيبٍ ...حبيبه ....
ذلك الحزن ...وهذا البكاء .....الوحيد المسموح به ....في تلك الجنة .....
وهو الذي نسمعه عبر الكون ....اذا ما ولد احدهم ....
اخبرنا النور ....أن اهل الارض ....يعتقدون خطئاً ....
ان هذا البكاء ....من ألم ممارسة الحياة ...لأول مرة ...
فهم قد نسوا ما كان هنا ....
فإن اثير الحياة ...يضرب علي اذانهم بالنسيان ....
ستة مرات نسمع صوت النداء ....وصوت البكاء ....

مزجٌ سابع ..

جائتني " هـــــي " وقد عقدت عزمها ....
"سنأكل من التفاحة "....هكذا قالت هــــــي ....
سنذهب للحياة سوياً ....
فأنا لا صبر لي علي فراقك ....طيلة سنوات ثلاث ...
" سنأكل  من التفاحة " ....هكذا قالت هـــي.....
"لكن أمر تلك التفاحة مُحرم ...."
"لا يجب أن نخالف ما حرم علينا ...."
"فنحن لا نريد أن ننتهي كما أنتهي الهالكون ...."
قلت أنا ....
"سنأكل من التفاحة" ....هكذا قالت هــــي ...
أنت تقول هذا... لأنك لا تخشي ما أخشاه ....
انت تقول هذا ...  لأنك لن تلقي ما سألقاه ....
مع من سأظل أنا هنا .....وأنت هناك في الحياة ....
مع من سالعب واراقص الزهرات ....
من سيأتيني بالثمار اذا غبت عني ....
لمن أكون هـــــي  ....
أكون اصله ....وفرعه ....ومنتهاه ....
"سنأكل من التفاحة " ....هكذا قالت هي ....
قلت لها :  أنتِ تعلمين أن كل ما تريدينه هنا ....لكي يكون ...
              فقط تخيري الثمرة ....فأختيارك يُكَونُهَا ....
قالت : أما أنا ....فأختارك أنت ....
فعلا صوت القانون ....ألا إختيار في الجنة ...ولا حساب ...

مزجٌ ثامن..

حانت ساعتي ....
وقُرِبَت التفاحة من فمي ....
اشتم ريحها ....وكأنها ريح الحياة نفسها ....
كم رغبت في أن اذيقها منها ....
فهي - لعمري - تختلف عما طعمنا من ثمار .....
غير أنها ترددت ....
وفي ترددها منعني النور .....
وأخبرني ...انها ساعتي أنا ...لا هـــي ...
وسمعنا الصوت .....ينادي علّي ...
أن أقدم ....كما اقدم الاقدمون والاخرين ....
فرحت كما يفرحون ....
كل هذا الاشتياق ....وأخيرا ها هي ساعتي ....
لكن في التفاتة من عيني ....وجدتها حزينة ....تبكي في صمت بكائها الوحيد في الجنة ....
رق قلبي لها ....وبكيت لبكائها ...
حينها خبرت لأول مرة ....معني الحزن ....
قبلتها مودعاً ثلاثاً ....بعدد السنين التي تفصل مولدي عن مولدها ....
وفي كلمات هي للنهنهات اقرب ....
اخبرتني انها ستحبني للأبد ....
وأنها تطالب قلبي بأن تحرم عليه السكينة حتي يلقاها .....
وأن ادور في الحياة بحثا عنها ....وعن حبها ....
حتي لقاء ...
اخبرتني أن حبي لها ...هو الضامن الوحيد لأن نلتقي ثانية ....
ولو علي الأرض ....
وها أناذا ....أبكي رضيعا .....


مزجٌ اخير ..

اخر دعائي بالحياة ...
" يارب ..حرمت أن القاها في الدنيا ....
فهلا غفرت لي ....لالقاها في اخراي .... "

تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق