في الطريق الي النفق (قصة قصيرة)


في الطريــق إلي النفق ...



نظرة بدا بها كل شيء بينهما ....علي طريق صلاح سالم ....
هو الغني المترف ذو سيارة فارهة ونظرة ملل من علامات الرفاهية...
وذلك الاخر الفقير ذو الثياب الرثة ونظرات وملامح مريبة ...لا تنم الا عن شقاء وبؤس
يقف بسيارته بعد تهدئة السرعة ليفتح له الباب ...
يبدو ان الملل قد استبد به حتي انه لا يجد مانعا من ان يسري عن نفسه ولو بدابة نتنة الرائحة تشغله عن ملله ولو لحظات
..."رايح فين" نطقها لذو الثياب الرثة....
ليرد في لهفة "المحطة ..محطة القطر
اركب ...ليدلف صاحب الثياب الرثة الي السيارة...
وبعد ذوبان ثلوج الصمت في البداية ...نشا بينهم حوار كرسائل التلغراف ...والذي سار موازيا لحوار بالأعين بينهما...
كم بدا ذو الثياب الرثة مريبا ...
نظرات عينيه الوثابة الي اللا مكان ...
شعر اجعد لم يشهد تصفيفا منذ بدء الخليقة ...
وجه حفرت عليه السنون والشقاء اثارهم عليه ...
قميصا كاروهات متقاطعة بلون اقرب لحمرة الارض ...
وايد عجفاء قد تكرمش جلدها وتغلظت من كثرة ما عانته من اعمال...واهمال
صموت هو رغم ان عينيه تشع بنظرة لا تخفي ...نظرة حيوان بري ...
وقد شاهد لاول مرة انسان وقد هاله ما عليه من حسن خلقة ....وملاحة ملامح
كذا راه رث الثياب ...كم هو جميل ...نظيف ...
بهي.... وقد قارب علي ان يشع النور من ثناياه كما يشع بروائح عطره
وكم هو مليء بالاشياء...
...ساعة ...
...حذاء ...
بدلة ورابطة عنق تعلو قميصا ...
حتي ازراره بدت مليئة بالتفاصيل....
وكانك كلما زادت تفاصيلك ...زاد كيانك حياة ....
صرت ذو ظل اشد كثافة علي الارض ...
صرت حيا بمعني الكلمة ....في مركز ميدان الحياة ....لا علي هامشها
خاطرا لاح لكليهما في لمحة خاطفة ....ماذا لو ان الاقدار بدلت بينهما الادوار
ماذا لو كان رث الثياب هذا..... قد خرج من منامته الي مغطس بملؤه العطور ومستحضرات التجميل التي يجاوز ثمنها راتبه لشهر علي الاقل ....؟
ماذا لو ان له مثل تلك البدلة ورباط العنق والقميص والازرار.... ؟
أكان شعره سيظل مجعدا بلا تصفيف ...؟
أكانت نظراته ستظل وثابة مستغربة لكل ما في الحياة ... ؟
ام انه سيكتسب ذات النظرة القريرة لا عن رضا ....بل عن ملل
اكان ذاك الغني اللامع الثياب سيجد للحياة معني ....؟
أسيكون عليه ان يستيقظ يوميا ليجد هدفا جديدا يحققه ....؟
وامور عليه ان يتجاوزها .....
اكان سيبقي له نصيب من احلام تراوده ليلا .... ؟
بعد ان توقف منذ زمن عن ان يحلم...حتي اشتاق لاي حلم ...ولو كابوسيا
لربما لو حدث تبادل الادوار هذا لكان كل منهم في ثياب الاخر وهيئته ....
ليس فقط في مقعده من السيارة...
والتي تسير الان الي النفق كما لو ان القدر قد سيرها اليه في ميعاد محتوم....
فما ان دلفت اليه الا وفوجئا ان اضاءة النفق الصناعية قد اظلمت ...
وربما لاول مرة منذ انشاء النفق ...
برهة من الزمن قد مضت ....حتي خرجت السيارة من الطرف الاخر للنفق المظلم....
لتتوقف السيارة بعد تهدئة اخري امام اول منعطف....
ويخرج منها الرجلين ...
ليتواجها بنظريهما لمرة ثانية بلا كلمات تماما كاول مرة ...
غير ان نظرة كل منهما ....قد اختلفت
والي الابد

هناك تعليقان (2):

  1. تسلم إيدك رائعة.
    وأشكر الصديقة العزيزة ديارا على دعوتها لي بقراءة القصة.
    أتمنى لك مستقبل رائع.

    ردحذف
    الردود
    1. اشكرك سيد / تامر ...علي تشجيعك وتعليقك ...
      كما ان الصديقة ديارا لا تسعني كلمات لشكرها ووفاء جميل صنيعها ...
      مرات تلو مرات ...
      واعجز حتي علي حصر اوجه الشكر لها ...
      أاشكرها علي مساعدتها لي في انشاء تلك المدونة ....؟
      ام علي مساعدتي للوصول بكلماتي لسادة في رقيكم ...؟
      ام لمجرد انها صديقة اسعد بها ...
      مرة ثانية اشكرك واتمني ان تسعدني بمزيد من كلماتك ...

      حذف