مرة أخري أمام المرآة ...


مرة اخري اقف امام المراة...
اصفف شعري بعناية....
حليق الذقن ... متانق الملابس...
تفوح مني رائحة عطر مميز...
باختصار استعد لموعد نسائي....
اكاد اومض امام المراة تاكيدا علي ذلك...
الا لمحة حزن ... تابي الا تفارق نظراتي...
فانا لازلت اذكر....
اذكر اخر مرة وقفت اتانق فيها امام تلك المرآة...
كنت ساقابلها...
كم احببتها...
كم تمنيتها...
لازلت اذكر كيف تعارفنا...
" الفيس بوك "
تلك الحياة التي نمت بين جنبات صناديق اليكترونية...
فقد تبادلنا الكلمات والتعليقات ....والرسائل...
حتي تبادلنا في النهاية ارقام المحمول.....
لنتقابل اخيرا....
وفي اول مرة ...عرفنا اننا لن نفترق...
واننا اصبحنا كتوأمين ملتصقين ....
لا يجوز الفصل بينهما...
وتوالت لقائاتنا....
كثيرا ما تلاقينا ....
بالافكار ...ان لم يكن بالمواعيد...
شعرنا بثورة حبنا تطالب جهرة ... باحقيتنا في الحياة.
بيد اننا لم نشعر باعدي اعدائنا يقترب منا...
الخصام....
غضب ... حماقة.... كلمات ملتهبة في عصبية...
شك واتهامات متبادلة...
لتاتي النهاية مع صافرة الهاتف التي تنهي ما بيننا...
مع نهاية مكالمة .... من طرف واحد...
خصام دام لاكثر من شهر...
تزيد بزيادة ايامه التساؤلات...
كيف لم تتفهم صراحتي...؟
كيف لم تقدر اعترافاتي...؟
بل كيف لم تدرك ان اعترافي لها بعلاقاتي السابقة ...كان طلبا للتطهر...؟!!
ليكون ما بيننا ...في طهر حبنا...
لماذا اكل الخوف قلبها لما علمت ... باني كلما دخلت في علاقة...
كانت تنتهي باختفاء من احب....فجاة وبلا مقدمات...
وانقطاع اخبارهن عني للابد...
فقط ...كل ما استخلصه عقلها ..
اني اضيع من احب...
فيضيع مني حبهم...
رباه...بماذا تتهمني تلك المجنونة..؟!!
فما ذنبي انا في اختفائهن....
أاكون انا الطرف الجاني...؟!!
ام المجني عليه؟!!
الست انا من تجرع كاس الخيانة والهجران...بل ومرة تلو مرة...
لكني – وياللعجب - لايزال قلبي مشتاق اليها...
لاازال في شغف محموم...لتلمس خطاها...وتحسس اخبارها...
علي ان اتخلي عن كبريائي المزعوم...
وزيف زهوي ...واهوي...ولو علي الارض...
من علياء فخري ...واعتدادي بنفسي...
واعترف امامها ...اني بكل قلبي...احبها...
وقد ادرت وجهي عنها...كيلا تلحظ رقرقة الدموع في عيناي...
فهي لا تستحق اقل من رجل....
وحانت فرصة ظننتها لن تاتي ابدا...
واستجمعتني عواطفي وشجاعتي...
فاتصل بها من جديد....
محددا موعدا ... رغبة في اذابة الجليد...
فقط لتتسلل اصابعي ...لتسكن بين اصابعها...
فيعودوا عشرا كما كانوا...
وبكل شوق التقينا...
شوق جارف ... حب صامت... من حنين متفجر...
حتي اني من فرط انفعالي ...لم اذكر قط ما كان حين التقينا...
كل ما اذكره اني ضممتها الي...وغاب عني الوعي...
لتختفي وتغيب عني هي الاخري...وبلا رجعة...
وها انا اعود لشقاء ايامي...وجنبات سجني...واحساسي بالضياع...
طالما شعرت اني في كابوس مقيم... لا ينتهي
حتي ...حتي انني لم اكن لاتعجب لو اني استفقت منه...
لاجد ذاتي علي ما اعرفها ... لا تمت بصلة الي...
لربما افيق فاجدني رجل عجوز مخرف...
وقد غرق في يم غيبوبة داء السكري مثلا...
او اثر حمي علي امراة فقدت وليدها....
وانه ليس لي وجود سوي في حلم ... في عقل احدهم ...
وستنتهي حياتي الشقية هذه ...بانتهاء الحلم ذاك...
ااااه .... اكاد ان اجن ...ان لم اكن قد جننت فعلا...
وتدور ايامي علي رحاها...
وها هي رسالة جديدة...
تحمل عطر امراة جديدة...
تريد ان تدخل عالمي...
اقاومها في البداية مقاومة واهنة...
فحينما تقل رغبتك في الحياة ... تقل قدرتك علي المقاومة...
فمع مقاومتي الهشة تلك ...
استطاعت صاحبة الرسالة الجديدة...ان تتسلل الي حياتي ...فيما لايوصف بالصعوبة...
تبادل الرسائل قدا بدأ...
لينتهي بتبادل ارقام المحمول...
والمقابلة الاولي...
فالثانية ...والعاشرة...
والخصــــــــــــــام.....
لسبب او لغير سبب...
فقط لاجد اني بحاجة اليها...
احتياج لا يمكن تفسيره...
ليس احتياج عن حب...
ولكنه – وفي نفس الوقت – ليس احتياج لاشباع غريزي مادي...
او حتي طلبا للتسلية...
هو اشبه بالتمسك بالا تظل وحيدا...
ان ترفض ادميتك ان تتحول الي حيوان مستوحش متوحش...
وها هي الفرصة قد حانت...
مكالمة طويلة ... تنتهي بتحديد موعد ...يعيد لي الحياة بعد انقطاع...
هناك في تلك الحديقة... علي ذلك المقعد الخشبي...
تحت شجرة صفصاف ... في ضوء القمر...
تتلالا عيناها في شوق الي... فتتحسس يدانا بحثا عن ملتقي...
ابثها حبي...استميلها الي...اضمها بين ذراعي...
استشعر نبض قلبها ... بين حجيرات قلبي...
اشتاق لاحتوائها...اشتاق للارتواء منها...
اشعر معها بالكمـــــال...
حتي الرؤية تبدو اسهل واوضح...
حتي سمعي يرهف لحفيف انفاسها...فاتسمع دقات نبضها في راسي...
اشعر بقوة تخور امامها الموجودات...
اضمها اكثر ...واتسمع لاهة خافتة خرجت من شفتاها عنوة...
اكاد اقسم اني اسمع طنين افكارها...
اكاد اقسم اني اشتم حتي هرمونات انوثتها ... تضخ في دمائها... فتزيد دقات قلبها...
وكل هذا يزيد في قواي... في احساسي بها...
بل واشعر ان كياني كله يتغير...
اكاد اشعر ان علامات رجولتي كلها ... تظهر الان كما لم تظهر من قبل...
فان لم يكن...؟!!
فلماذا اشعر اذن بان شعر ساعداي قد ازداد كثافة...
وان شعر حاجباي قد استطالا ...حتي تهدلا علي عيناي...
لماذا انتفخت عضلاتي ...
ولماذا استطالت اسناني...وانيابي خاصة...
لماذ اغرسهم في جيدها الان...
فتنتفض بين يداي وانا انهل من شريانها ما انهل...
اروي ظمأي منها...
تصرخ الان...
اعلم هذا...
قد سمعت تلك الصرخة اكثر من مرة....
بل قل مرات ...ومرات...
نعم...فهي لم تدرك الا الان اني مذؤب ...مصاص دماء...
كما لم يدركن هن...
حتي انا ....لم ادرك...
وساستيقظ غدا بلا ذكريات عن تلك الليلة...
فقط ساعتقد انها اختفت... وبلا رجعة...
ولن اعرف ابدا السبب...
ولن تلفت نظري لمحة حزن في عيناي...
قدر ما ساتعجب... حينما لا اري لي ولا صورتي اي انعكاس...
حينما اقف...مرة اخري ...امام المرآة...


المرآة الثانية
سيكيزوفرنيك....
نطقها الطبيب استاذ امراض علم النفس الجامعي امام عدد من طلبته...
هذا المريض حالة خاصة من مرض انفصام الشخصية ...
فما قراتموه يا سادة هو نتيجة متابعة حالته باتباع مدارس التحليل النفسي الحديثة...
بان تتبع الاسباب الوجدانية والنفسية للمريض واستخلاصها من النشاطات الانسانية للمريض.
في لعب الكرة ... او في الغناء ... او حتي رسم علي وريقات بيضاء بيده...
فتظهر اصول انحرافات مرضه النفسي في احدي الذلات ...اثناء هذا النشاط
وفي حالة هذا المريض ... بعد اخضاعه لجلسات تحليل نفسي بالطرق الحديثة ...
والتي تختلف طبعا عما الفه العلم من اساليب الطب الامبريقي...
وجدنا انه يجيد الكتابة كما رايتم... فاسلوبه في السرد مميز بلا شك...
لكنه يكشف لنا اغواره النفسية...
فهو يلقي اللوم – باحدي شخصيتيه – علي نفسه متمثلة في شخصيته الاخري ...
علي فشله المتكرر في اقامة علاقة عاطفية مستقرة ...
فيلجا اللاشعور لديه الي حيلة نفسية ...
بان له شخصية اخري ... تشبه في صفاتها مصاصي الدماء...
لتبرر لديه اختفاء الفتيات اللاتي حاول اقامة علاقة عاطفية مستقرة معهم ...
"يضيف الطبيب بعد تعديل وضع نظارته الطبية فيما بين الاسف والسخرية "
في حين ان الحقيقة انه  بقليل من الخيال نستطيع ان نعرف ان كل من قابلهم ...كانوا يبحثون عن عرس غير مؤجل ...وفور تاكدهم من قلة امكانياته المادية ...كانوا يفرون علي الفور...
"وتعلو الضحكات بين الطلبة"
بالطبع لم تحتمل مشاعره الهشة ... وعواطفه المنبثقة من عقله الباطن ... سيطرة المادة علي الفتيات لهذا الحد ...فيلجا عقله الباطن لايجاد سبب بآلية دفاع نفسي سلبي ...ليخلق تلك الشخصية الخرافية ... كمبرر يقبله عقله لما حدث...
وهو الان في حالة وجدانية هي علامة فارقة في مرضه النفسي ...وطريقه للشفاء ..
فهو في مرحلة الصراع بين الشخصيتين ...والتي تجعل منه شخص صموت ... في انعزال تام عما حوله من عوامل...او بشر..
فهو – كما ترون - لا يشعر بنا البتة.
" ينظر الي ساعته ويقرر نصف ساعة راحة لاستكمال مرورهم علي باقي الحالات"
تقترب احدي الطالبات من صديقتها قائلة ...
" نوااال ...ما بك ...استحملقين فيه طوال فترة الراحة ".
"مسكين ذلك الشاب ...رغم وسامته وحسه المرهف ... لم يجد رفيقة ايامه "
"هاااه ..وماذا ايضا ... ؟"
"ماذا تقصدين ...؟"
"الن تشرعي في وصف اناقة احدث صيحات الموضة في لباس المجانين الذي يرتديه..؟"
" مجانين ... طبيبة نفسية مثلك وتقول لفظة مجانين تلك ...فماذا تركت للعامة"
" تركت لهم العقل ...هيا بنا فهو قد لاحظ حملقتك به ... وعلينا ان ننصرف قبل ان تاتيه النوبة"
" مستحيل ...الم تسمعي المحاضرة ...بانه في حالة انعزال تام عما حوله و..."
تبتلع ما تبقي من كلماتها مع تاكدها من انه ينظر في اتجاههما ...
تحديدا اليها هي...
فتستدير وقد غمرت وجهها حمرة الخجل ...
"الم اقل لكي ..."
" نعم ولكن كيف ...؟ ...ففي حالته لا يمكنه ...."
قاطعتها في خبث"...ربما يرجع الفضل الي نظرة عين حانية ...ولربما اصبح لعيناكي مدرسة في العلاج النفسي في المستقبل القريب..."
فاخرجت مراة صغيرة من حقيبتها لتواري خجلها عن صديقتها...
" فلتكفي عن هذه السخرية وهلمي بنا ...فلن نضيع الراحة في تفاهاتك تلك..."
تجاوزتها مسرعة قائلة "حسنا ولكني هلا انتظرتيني هنا دقيقة حتي اعود لكي..."
فاستمرت نوال في تعديل زينتها في المرأة ... وقد احتل راسها سؤال واحد...
احقا استفاق من مرضه النفسي ... علي نظرة من عينيها...
ولم تقاوم شبح ابتسامة علي شفتيها ...وامالت المرآة باحثة عن نظرة متلهفة منه اليها
"اتراه لايزال ينظر الي ؟"
حتي وقعت مرآتها عليه...
او بمعني ادق ....علي ملابسه...
فملابسه في المرآة فقط ...هي التي تظهر ...
في حين ذاب باقي جسده في الهواء....
لتقع مرآتها من يديها ....
وتتناثر في ارض المشفي الي الاف المرايا الصغيرة...
لا يظهر له في اي منهم اي انعكاس...
ولا في مرة اخري ...امام المرآة...

 المرآة الثالثة


شهقة ....
شهقة عميقة خرجت من صدر نوال لتوقظها من نومها ....
شهقة اختلطت بصرخة من جوفها ....
كما لو كانت قد رات للتو شيطانا زنيما ....
زائغة العينين ... شاحبة البشرة ... بشفاة ترتجف ... كادت الدماء تفارقها...
"كابووووووووووووس"
قالتها بعد صمت كان اكثرحدة من صراخها ...
اقترب شريف زوجها مهدئا من روعها ....في شيء من التساؤل عن جزعها...
طالبا اياها ان تقص عليه ما رأت....
وما ان انتهت من سرد احداث الكابوس .... حتي ربت شريف عليها في حنان ابوي ينتقص للاحساس....قائلا ... "يبدو انك اسرفتي في تناول العشاء ليلة امس ..."
لم تعره اهتماما في محاولته الساخرة ....والتي لم تنجح في تشتيت ذهنها بعيدا عن الكابوس..
فأضاف " الم تلحظي شيئا في هذا الكابوس ... ".
فنظرت اليه وقد هالها نظرة عينيه وما عليها من تعبير ....لا يبت بصلة الي صوته وطريقة نطقه للكلمات ...
متسائلة " مالذي لاحظته بالضبط ؟"
فاجاب في تحذلق متصنع ...
" رغم ان هذا الكابوس يحتوي علي تفاصيل – هي والحق جديرة بالاهتمام لكثرتها ودقتها - , الا انه بشكل او باخر يحتوي علي منطق معكوس ....كصورة معكوسة في المرآة ... كتلك التي تناثرت علي الارض في نهاية حلمك ..."
اتسعت عيناها دهشة وطلبا لمزيد من الايضاح
" نعم ...فرغم اننا متزوجون منذ ما يقرب من الخمس سنوات حتي الان ... ورغم انني انا زوجك الذي يعمل بالطب النفسي ... في حين ان دراستك كانت التجارة وادارة الاعمال ... وانك انت من تشمئزين دوما من الطب النفسي ومصطلحاته وافكاره ومبادئه ....
الا اننا لو افترضنا ان هذا الحلم لو كان قصة لفيلم سينمائي ... لقلت انك بلا شك علي دراية بالطب النفسي ... او انك مارستيه في فترة من حياتك ....
فبالفعل ما جاء في حلمك هذا من حالة الشاب الخفي عن المرايا هذا ... فالتفسير الذي جاء علي لساني – وانا استاذك في الحلم بالطبع – بالفعل يبدو منطقيا جدا ...
لا اخفيكي قولا اني لو قابلت مثل هذا الشاب لكان تحليلي لحالته تقريبا مثل ما كان في حلمك
وهذا ما قد يتشابه مع بنية صحيحة للصورة ...وليست مشتته أوغير واقعية كما في بيت المرايا...
 اما الانعكاس فقد جاء ان صديقتك رانيا – في الحلم – هي كانت زميلتي انا في سنوات دراستي للطب النفسي ... وهي من تعمل الان كاستاذة ضمن هيئة التدريس بكلية الطب النفسي ..."
" شريف ... ما الذي تشير اليه ...لا افهم مقصدك ..."
"لا شيء حبيبتي ... فقط لفت نظري ما في حلمك من مفارقات ..."
وقبل ان تتاح لها الفرصة في الضغط من اجل اي استفاضات جديدة ...قاطعها شريف وقد هم واقفا من مخدعها ...
قائلا " علي العموم انا تاخرت بالفعل علي العيادة ...ولدي مواعيد مع مرضي لا يجب ان اخلفها ... لذا ساذهب الي الحمام لانتهي من ملابسي حتي استطيع اللحاق بمواعيد العيادة ...."
ثم طبع قبلة علي جبينها ...مودعا اياها .
اما هي فقد ارخت راسها في تعب بين يديها محاولة للم شتات نفسها ...وقد دارت اخر كلمات زوجها في راسها كاصداء سفينة تستعد لتغادر ميناء راسها ...
" ولكن مهلا ...كيف عرف شريف اني رايت رانيا في الحلم ؟!! "
" انا لم اخبره اسمها ...انا متاكدة ...فقط قلت واخري من تبدو صديقة لي في الصف الدراسي"
" ان لم اخبره بذلك ... فكيف علم اني كنت اقصد رانيا ... ولماذا رانيا بالذات؟!! "
انهت سيل افكارها باشارة من يديها كما لو كانت تنفض يدها من الكابوس ...وبلا رجعة, ونهضت متجهة الي (التسريحة) محاولة ان تمشط شعرها الذي يبدو في حالة رثة , فما ان تناولت فرشاة شعرها وقد ازاحت حقيبة عمل شريف وهي تتافف من مكانها غير الملائم والذي يصر زوجها ان يضعها عليه كل صباح ولا توقفه عن ذلك محاولتها للفت نظره بانه ليس المكان المناسب لحقيبة عمل رجل ...ولم يقطع افكارها سوي ملف - كان بداخل الحقيبة لم يوضع باهتمام - وقد سقط من الحقيبة نتيجة زحزحتها اياها...
فانثنت مقتربة من الارض محاولة لاعادة وضع الملف باخل الحقيبة ... غير ان صورة قد انزلقت من الملف لتقع علي الارض من يديها وهي لم ترفع راسها بعد ....
كانت صورة لمريض في قميصه الابيض ونظرة شارده علي عينيه .... الغريب انه يشبه ذلك الذي في حلمها ... فالملابس متشابهة جدا مما يعطي انطباعا بالتشابه ...
وهذا ما استرعي انتباهها فوجدت نفسها تستغرق شيئا فشيئا في ملامحه ...
وشيئا فشيئا كانت نسبة التشابه تتزايد ...
الي ان وصلت الي حد التطابق ....
وهنا وضعت كفها علي فمها خشية ان تنفلت منها صرخة اخري...
فمع تاكدها الان من انه نفس الشخص الذي راته في حلمها ...
ومحاولتها للبحث عن اي شيء يثبت خطا نظريتها ...
كان في ركن من الصورة ... مرآة بطول حائط تقف ...وقد ظهر فيها سرير المريض وملابسه ....غير ان المريض لم يكن ظاهرا فيها بالمرة ...
بل ان الصورة قد التقطت من هذه الزاوية خصيصا من اجل اظهار هذا الامر...
وبدا سيل الافكار من جديد يطيح براسها....
"ما علاقة شريف بامر كهذا ..."
"بل كيف يتثني له ان يحمل صورة لشخص اراه في كوابيسي ..."
"وكيف علم ان رانيا من كانت في كابوسي انا ..."
"ما سر عداء شريف للثوم وطرده لاكثر من طاه كانوا يعملون عندنا لاصراره علي خلو الطعام من الثوم ..."
"لماذا كان يكره شراء اي تحف او اكسسوارات في بيتنا او حتي مساغ لي من الفضة ...
زاعما ان للذهب بريق اجمل ..."
"هل انا محور مكيدة ما يدبرها لي شريف"
"ام تراه مسيطر عليه وعلي ارادته ... وهو يحاول تنبيهي من شيء ما"
" الم يترك هو حقيبته مفتوحة علي غير العادة ؟ "
" الم ينطق باسم رانيا ...في شكل يرجح للتعمد عنه كذلة عابرة "
" بل ونظرية المرآة هذه والانعكاس عن الكابوس "
" لكن وان كان صحيحا ...فلماذا ربط بين الانعكاس وبينه هو ؟ ...بشكل يستلزم ذكر رانيا"
" ايحاول شريف ان يحذرني ...لكن منه هو نفسه ؟ "
افكار وافكار بدات تحتشد في ذهنها وفي سرعة مذهلة ...
جعلت من راسها مكانا مزدحما مليء بالضوضاء ...يطالبها بان تغادره الي بر الامان.
الامان الذي طالما احتاجت اليه مع شريف ...
لكن ان يصل الي حد ان يكون شريف نفسه خطر يهدد امانها ....هذا ما استبعدته دوما.
فبشكل او باخر كان شريف لها مجرد زوج عن زواج تقليدي .
بل وربما كان هذا مصدر امانها ...والذي يشتد الان شوقها لاسترجاعه ...
شوقها الذي خالطه شعور بالذنب غير مبرر من انها السبب في هذا لانها لم تعطيه الحب كما يجب ...
لربما لو كان شعر بحبها فيما مضي ...لاستحال عليه ان تمتد يده - ولو بالتفكير- اليها بسوء .
في استسلام سارت اليه ...
كما لو انها تيقنت من استحالة نجاتها لو انه اراد بها سوء ...
وجدته يربط رابطة عنقه امام المراة ... تمهيدا لارتدائه كامل حلته قبل ذهابه الي عمله...
لا اراديا اخذت تتامله من ظهره ... وقد فاجئها انها تشعر كما لو كانت تنظر اليه وللمرة الاولي ...
احساس بانه رجل قوي وعظيم ....وقد ظهر في قامته وهو يعدل من ملابسه امام المرآة.
واحساس اكبر بانها في حاجة اليه ماسة ...
في احتياج لان يحتويها ...
لان يكون سندها ...وامنها...
لم تتمالك نفسها اكثر حتي وجدت نفسها تحتضنه من ظهره وقد امالت راسها عليه ...كانها تتاكد من انه اكثر طولا منها ... فقد اختبئت تماما خلف بنيته القوية...
مما جعل شريف يلتفت اليها بجانب وجهه ...قائلا " اااه ... تخيلي اني لم الحظك في المرآة حين اتيت " .
مداعبا " اتختبئين من شيء ما وراء ظهري ؟ "
فحول يده اليها ليحتضنها بيد واحدة ويحاول ان يقربها اليه موضعا ....
غير انه قد بهت تماما ...لما وجد ان زوجته لا يظهر لها انعكاس في المرآة.
ولم تمهله هو حتي يعود براسه اليها متسائلا ...
فآخر ما راه اثار دماء تسيل من عنقه قبل ان يسقط علي الارض ....
وقبل ان يسقط عنه الوعي ...
لتعلم هي انها هي مصدر الخطر ....وليس شريف
وان مجموعة المفارقات كانت فخ منها لنفسها ...
حتي تشتعل نار حبها له ...
لتذكي جذوة لعنتها من جديد ....
بل وربما ان الصورة ما كنت ابدا كما راتها ...
وحتي رانيا ...فبالتاكيد قد جاء ذكرها .....
فياليتها ما رات كابوسها ...ويا ليته ما فسره ...
وياليتها ما شعرت بالخطر ...ثم الاحتياج اليه... فالحب...
لان حياته قد انتهت ثمنا لهذا الحب الوليد
في مرة اخري .... امام المرأة

 يتبع ...
 يتبع

هناك تعليقان (2):

  1. جميل جداجدا طريقة الكتابه انتقاء الكلمات الموسيقى اللى مع الكلمات
    ابداع اهنئك

    ردحذف
  2. اشكرك جدا ....وبجد فعلا باعتذر عن تاخري في الرد علي حضرتك واتمني ارائك في كل ما اكتب ....اشكركمرة ثانية

    ردحذف